لم أعد أشعر بالخوف؛ خوف الفقد واليتم، الوحدة والفراق، الحزن والخذلان، القسوة والجرح، الألم والخيانة والغدر، النميمة وظلمة الطرقات، صوت البوم والزئير، والنباح والفحيح، الظلام والبؤس والفقر والعوز والحنين، الرياح والأمطار والأعاصير والرعد والبرق، الأفكار والاكتئاب والقلق، الحصر والفوبيا والانفصام والهوس، السخونة والضغط والسكر وأمراض القلب والكلى، الأعصاب والرمد والأوبئة، همسات الليل، ومن يكلمنى فى أذني طوال الوقت، السم والتخمة، عبور الطرقات والمدقات والأزقة، إشارات المرور وكل ما شابه…
أشعر بالطمأنينة الكاملة داخل موت الأمل وموت الشغف، خنقة الروح وانقطاع الأنفاس، حركة الخفافيش وزحف الثعابين داخل الأوكار والعرين والوجار…
أرى ولا أرى، أسمع ولا أسمع، أشعر ولا أشعر؛ كلها موجات تصطدم بالجسد بلا موصلات، لترجمة المعانى داخل العقل، فأهوي وأهوي وأهوي، وأرتفع وأرتفع وأرتفع، وأغوص وأغوص وأغوص، بلا حدود ولا فواصل، بلا وقت يحدني ولا بوصلة توجهني، لأواجه ما أواجه وأحارب من أحارب، وأقـ…ـتل من أقتـ…ـل، وأسعى بين الجبال والوديان والصحاري والتبب والكثبان والصخور والبراكين والألواح الأرضية وأنهار الجليد وأحزمة الزلازل…
ونهاية..
– من أنا؟
= لا أحد.
