امرأة في سجن الرجال
بقلم: أميرة العربي
انتبه الجميع على صوت صافرات سيارات الإسعاف، مع تزاحم الأطفال حولها، يصعد الجميع إلى شقة المهندس رأفت، الذي بدوره يشير إلى غرفة في آخر الرواق، يدخل الطبيب ليجد هذه المرأة ذات الشعر المجعد الأحمر ترتمي أرضا، وحولها الكثير من الحطام، يلتف حولها حبل متين كبلها به زوجها، لأنها كما قال للجميع حاولت الانتحار وحرق المنزل؛ مما دفعه إلى ضربها على رأسها لتفقد الوعي، ثم قام بربطها هكذا..
تعالت الصرخات، كادت تحيي الأموات من شدة الألم والقهر بدون كلمات، فكانت نظراتها تارة تقتل من حولها من الاستعطاف؛ أن اتركوني أذهب لأولادي، وتارة تخيفهم من الجنون، أنه إن لم تتركوني، سأقتلكم جميعا…
مع إعطائها حقنة مسكن وتضميد جرح رأسها، كان الطبيب يتابع حالتها وينظر لها بتعجب،
متسائلا:
– لماذا تفعلين هذا؟
وهنا كان الرد من الممرضة:
– ليست أول مرة لها، فقد كادت أن تقتل نفسها أكثر من مرة!
رغم هذه الكلمات، إلا أنها أصابت الطبيب بالفضول، وأخذ يبحث في ملفات المستشفى عن التقارير التي تخص هذه الحالة..
أعرفكم بنفسي..
أنا جهاد، أعمل أخصائية نفسية بإحدى المستشفيات الحكومية، نعم يا سادة، إنها سرايا المجانين بالعباسية، وقد طلب مني الطبيب البشري الذي يعالج الجروح والحوادث الخاصة بالنزلاء، أن أعطيه تقريرا من المستندات القديمة عن تاريخ حالة السيدة أسماء مجدي، وقد كان، ولم يجد بجميع الملفات ما يلفت النظر، سوى أنها مصابة بالاكتئاب الشديد، وكلما شُفيَت وخرجت من المستشفى عادت مرة أخرى؛ بسبب محاولاتها الانتحار، نظر الطبيب للملف وللصورة المرفقة به، فعلم أنها سيدة لم تتجاوز الأربعين، وكانت حسناء، ولم يكن شعرها مجعدا أو أحمر اللون، فقد فقدت رونقها وجمالها، وهزل جسدها، وظهرت عليها أثار كدمات عديدة، والسبب المكتوب هو أنها تؤذي نفسها بشدة كلما انتابتها حالة الاكتئاب.
استيقظت ووجدت نفسها في غرفة مظلمة، ليس بها بصيص من الضوء، تريد أن تصرخ، لكنها هزيلة لا تستطيع حتى أن تهمس.
أغمضت عينيها في يأس، استسلمت وتعالت نبضاتها، مع غزارة دموعها التي تهاوت كوابل من القذائف الحارقة للقلب والجسد، تحفر على الخد مجراها، تجد صعوبة في التنفس وهي تحاول أن تسترجع ما حدث، لكن هيهات.. فقد وجدت صعوبة في كل شيء؛ حتى التذكر، فكانت كمن عُزِلَ عن الدنيا، كانت كالتائهة في بحر من الظلمات.
د. ماهر: ها.. كيف الأحوال؟
صمت ليس فيه سوى عبرات تتساقط من عينيها، وهي كما هي؛ مكبلة بالسرير حتى لا تؤذي نفسها.
تزايدت العبرات وتشنجت معها الحركات، فليس منه إلا أن أمر بحقنة مهدئة، لكي لا يتأذى الجسد من عنف التشنجات، استسلمت للنوم، ترى أولادها في أحلامها، تجري وتلعب معهم، يتسابقون ويلعبون الكرة، التقطها سيف، وضحكاتهم تدوي في قلبها، وهي تحملهم وتسقط أرضا من شدة الضحك، يقومون باللعب على ظهرها، تحمل معهم ألعابهم، ومحمد يبكي؛ يريد أن يركب ظهر أمه كأخيه سيف، وكذلك يحيى، وتتعالى الضحكات.
وفجأة.. تغير المشهد إلى ظلام دامس، به بصيص من الضوء في مكان مليئ بالوحل، وصراخ الأطفال:
– أمي، أمي، لا تتركينا رجاء، كوني معنا، أمي.. انقذينا، فنحن نحتاج إليكِ.
تتزايد التنهدات، وتتعالى الأنفاس في الصدر، تكاد تختنق، إلا أنها استيقظت بصراخ مدوٍّ:
– أولادي.. لااااااا..
– ما هذا الطعام؟
إنه ليس في قائمة المطبخ بالمستشفى
كان سؤالا لإحدى الممرضات، فردت الأخرى:
– إنه الدكتور ماهر، فهو يساعد أغلب المرضى بأكلات مخصوصة من حسابه الخاص، كي يساعدهم لاسترجاع صحتهم، فكما تعلمين نحن في مستشفى حكومي، والميزانية لا تكفي لاستشفاء بعض المرضى، إنه عطوف ولا يمل الأسئلة المتكررة لهم، وأحيانا يأتي لهم بألعاب بلاستيكية كالأطفال، كي لا يؤذوا أنفسهم.
– أستاذة أسماء، لتأكلي شيئا رجاء، فأنت تعيشين على المحاليل منذ شهر، ولا بد أن تأكلي لتتعافي
كان هذا الدكتور ماهر، فقد أراد أن يعالجها نفسيا وبدنيا، فرغم أنه طبيب بشري إلا أنه حصل على دبلومة بالطب النفسي، كي يكون عونا لكثير من المصابين بالمستشفى، تحولت بنظراتها إليه، قد أنهكها الإعياء؛ تطلب رؤية أولادها، فقال لها:
– أعدك أن أحاول الاتصال بهم، وأن أحضرهم إليكِ بإذن الله،
زاد صمتها، وفي هذه المرة أخذت قطعة خبز وأكلتها لكي ينفذ وعوده، فابتسم بسمة حانية يملؤها التفاؤل متمتما:
– الله المستعان
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
= مَن؟
– حضرتك المهندس رأفت؟
= نعم، مَن؟
– د. ماهر، من مستشفى الأمراض النفسية معك
يرد ببرود عجيب:
= هل من جديد؟
يبادره بطلبه:
– أ. أسماء تريد أن ترى أولادها، وذلك سوف يساعد علـ……
= لا، لا، لا، مستحيل
– لماذا؟
= أولادي عند والدتي في بلد أخرى، ولا أريدهم أن يروها هكذا، ولن أسمح لذلك أن يحدث…
ثم انتهت المحادثة
– ولكن هذا في صالح المريـ…………
نظرت إليه جهاد في غضب، نظر إليها بدوره، كادت عيناه تصدر شررا من رد الفعل، لقد أغلق الهاتف في وجهه، ولا يهمه علاج زوجته.
– تبا لأشباه الرجال، صدرت الكلمة منه بعفوية، ولكنها جاءت في الصميم
بحث د. ماهر عن أرقام أخرى، لأي من أفراد أسرة المريضة، وبالفعل وجد رقما لأحد كان دائم الاطمئنان عليها بالهاتف.
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع حضرتك أ. جهاد، من مستشفى الأمراض النفسية، حضرتك تعرفي أ. أسماء؟
= وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أحدث مكروه لها؟ أرجو أن تطمئنيني
– لا، لا، هي في أحسن حال، ولكن أريد أن أعرف عنها بعض المعلومات، لمساعدتها في العلاج
= أتحدثتم إلى زوجها؟
– نعم، لكنه رفض الحديث معنا
= من الطبيعي أن يفعل هذا، فهو لم يفعل في السابق أي شيء لمساعدتها، ولو حتى نقلها إلى مشفى خاص للعناية بها، آااااااااه يا أسماء، كان الله في عونك، صديقتي.
أردفت جهاد:
– هل تعرفين زوجها شخصيا؟ أرجو أن تُمديني بالمعلومات.
= نعم، أعرفه
إنه المهندس رأفت، رجل به كل المواصفات الجميلة، فعندما تراه زوجته في تعاملاته مع الغير، تتمنى أن يكون هذا زوجها؛ منمق، مهندم، حديثه عذب، طيب القلب، حنون، يعشق مواساة الجميع ومجاملتهم.
إنما داخل منزله، فهو كالبعض كثير النقد، كثير الإهمال، يعمل على تحطيم كل ما هو جميل في نفس شريكته بالحياة، يتعمد إذلالها، وأمام الناس يتعمد أن يُظهر حبه لها، أما فيما بينهما، فهو كاسر لقلبها، كابت لكل رغباتها، يحزن إن وجدها سعيدة، حقا رجل علينا وليس لنا، وفي تودد، قالت جهاد للطرف الآخر على الهاتف:
– هل من الممكن أن أعرف اسمك، ومدى معرفتك بالمريضة؟!
= أنا هاجر، صديقة أسماء المقربة، ولكن تفرقنا منذ زمن.
طلبت منها جهاد أن تقابلها، وذلك بتحريض من د. ماهر، وقد تمت الموافقة من هاجر، وتحديد ميعاد للمقابلة بالمستشفى بعد أسبوع، وذلك لظروف سفر هاجر خارج القاهرة.
– أمي، أرجوكِ، استمعي إليّ، ولا تتركي العادات والمجتمع يحكمون على ابنتك بالموت وهي على قيد الحياة.
نبرات التهديد والوعيد تزداد حدتها:
= استمعي جيدا، ليست لدينا في العائلة مطلقات، ولن أسمح بذلك، ولن يقبلك أي من إخوتك أو من العائلة أبدا، أتفهمين؟
تستيقظ أسماء ودموعها زخات على خديها، وهي تردد:
– لماذا يا أمي؟ لماذا لم تقفي بجواري؟ آاااااااااااااه…
بحرقة القلب تصاعدت من حنايا صدرها، بدموع تحفر مجراها فتفتح عينيها وترى ضوء الصباح، حاولت أن تنهض من مخدعها لكنها لم تستطع؛ فضعف عام تملك من جسدها، وقد أشارت إلى الممرضة لتستدعي الطبيب، وها هو يأتي إليها بتلك الابتسامة المميزة، ويسأل عن حالها، فتقاطعه بسؤالها:
– ألم تعدني بأن أرى أولادي؟
نظر إليها مرتبكا، لكنه تمكن من تعديل نبرة صوته، حتى لا تشعر بارتباكه:
– نعم، ولكن لا بد أن تستعيدي صحتك أولا، حتى لا يحزنوا عند رؤيتك هكذا، ولكي تستطيعي أن تلعبي معهم أيضا، ومن……..
قاطعته:
– أعلم أن رأفت رفض أن أراهم، فلا تجهد نفسك في اختلاق الأعذار
نظر إليها باستغراب حينما قالت له:
– لن أسمح له أن يفعل ذلك مجددا، أخرجوني من هنا رجاء، أريد أولادي ولا أريد غيرهم، أتوسل إليكم، فأنا أم، أتوسل إليكم..
انهارت بكل ما تبقى لديها من قوة، هدأت العاصفة مع حقنة المهدئ المنقذة لهؤلاء الحمقى، دون أن يدروا ما هي أصل المشكلة، ودون أن يدروا أنهم يساعدون على تحطيمها، فلا بد أن تتكلم، لا بد أن تُخرج ما في جعبتها
مَن كان مسؤولا عن هذه الحالة سابقا؟
ردت الممرضة:
– د. محمد مراد، رحمه الله
د. ماهر:
– هل ترك تقارير تفصيلية عن الحالة، ككلماتها وتصرفاتها وهكذا
– لا، لم يكن سوى كلمات بسيطة، وتبدأ بحالة اكتئاب وتنتهي بالخروج بعد فترة، بتوقيع من الزوج على الاستلام
= كم عدد المرات التي أتت فيها هذه الحالة؟
– أكثر من ثلاث مرات
= حسنا، سأنصرف الآن، فلتراقبيها جيدا، وأعطيني علما عندما تستفيق
– حاضر.
– أرجوك أخي، أنا لا أستطيع التحمل أكثر من ذلك، وعدم وقوفكم بجواري يجعله يتمادى فيما يفعل
= أنتِ تكذبين، كيف له أن يكون هكذا، وهو ذلك الرجل المحترم الذي يشهد له الجميع، إن لم يكن من أجله، فمن أجل أولادك.
– أتنعتني بالكاذبة؟ أتصدقون ما قاله عني؟ أتعهدون مني الكذب؟
= لقد تغيرتِ بعد موت أبي، وأصبحنا لا نعلم؛ أهذه صدمة، أم جنون، كما قال زوجك؟! فهو الأعلم بكِ، والأقرب إليكِ في الآونة الأخيرة.
كلمات كالرصاص من أقرب الناس.
تتعالى الزغاريد والفرحة والضحكات، ويهمس والد العروس للعريس:
– أعطيتك أمانة، فلا تخذلني فيها، لأنك اختياري..
ابتسم بامتنان، قائلا:
– لن أخذلك، فأسماء في عيني
مرت الأحداث واللحظات السعيدة، تعالت ضحكاتهما وصوت أطفالهما، ورغم تدخل الأهل والحاقدين فكان الحب ما زال يملؤهم ويزيد
لاحول ولا قوة إلا بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون
البقاء لله
تتعالى نبضاتها، ويزداد العرق على جبينها، وتتعالى الأنفاس في صدرها، ودموعها توقظها من هذه الذكريات التي تتلاطم كالأمواج في أحلامها..
– آاااه يا أبي، رحمة الله عليك
مر الأسبوع، بعد تقدم في حالة أسماء، ومتابعة من د. ماهر، وأ. جهاد، وإذا بصوت الهاتف، والمتحدث كان مفاجأة
د. ماهر:
– السلام عليكم، مَن معي؟!
= المهندس رأفت، زوج الحالة أسماء مجدي، أريد أن أحادثك.
– تفضل
= سوف آتي إليكم بالمشفى
– اليوم عندي الكثير من العمل، فليكن في الغد صباحا إن شاء الله
قال هذا، وكان يجول في خاطره ألف سؤال، كما أن هناك ميعاد بين هاجر وجهاد سيتم بعد ساعات
= إذًا، فليكن غدا، إلى اللقاء
– إلى اللقاء
– السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
= وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
– عندي ميعاد مع أ. جهاد
= في انتظار حضرتك، في مبنى الإدارة
– شكرا
وبخطوات ثابتة تخطوها هاجر داخل مستشفى الأمراض العقلية، متجهة نحو مبنى الإدارة، وكأنها تعلم جيدا المكان دون أن تسأل، دخلت إلى مكتب الأخصائية النفسية، ووقفت أمامه ملقية السلام
جهاد بنظرات ثاقبة، ترى أمامها سيدة في العقد الثالث من عمرها، هادئة الملامح، ترتدي ملابس محتشمة
جهاد:
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبا بكِ أ. هاجر
هاجر: شكرا
وهمت بالجلوس على أحد المقاعد أمام المكتب، وبدأت حديثها بالسؤال عن صديقتها، والاطمئنان عليها، وأجابت جهاد عن كل تساؤلاتها، وتطرقت إلى حياة أسماء، وكيف وصلت إلى هنا؟!
وكأنها قامت بفتح جرح لم يبرأ بعد، تحدثت هاجر بكل ألم ودموع تذرف من عينيها، كسحاب يمطر، ليس لها أن تتحكم فيه، وما كان من جهاد إلا أن هدأتها، وأعطتها كوب عصير من برتقال كان في ثلاجة المكتب، وتحاورت معها بهدوء حتى استعادت نفسها، ثم تحدثت قائلة:
– كنت أسكن في المنزل المقابل لأسماء، وكانت نِعم الجارة، ونِعم الأخت، حياتها كانت مستقرة سعيدة، حتى توفي والدها، فتغيرت كل الأحوال، وأُصيبت في حادث سيارة، فتخلى عنها زوجها، وتركها عِند أهلها بدون سؤال، وكنا عندما نسأله عنها، يقول:
– مريضة وترفض أن ترجع إلى المنزل
وعندما أذهب إليها، أعلم أنه لا يسأل عنها، ولا يتكلف مصاريف العلاج، حتى تعافت، فرجع إليها، ووافق أهلها بمنتهى اليسر، وذلك كما يقولون؛ من أجل مصلحة الأولاد، ولا بد أن تتغاضى، فكل النساء يفعلن هذا من أجل استمرار الحياة.
قاطعتها جهاد:
– أبهذا اليسر يتغاضون عن تخليه عن ابنتهم؟!
قالت هاجر:
– كانت هذه بداية الاستهانة بحقوقها، ثم توالت الأحداث، وكَثُرت التضحيات من أجل استمرار الحياة والأولاد، فكان يزداد فيما يفعل بكل قبح واستغلال، وكلما كانت تطلب منه أن تذهب إلى أهلها، يؤجل الموافقة بالشهور، فتحادثهم بالهاتف، وهم يتغاضون عن أفعال زوجها، ويتحججون بأنهم يحافظون على بيت ابنتهم من الخراب.
تستشيط جهاد غضبا، وكأن أحدهم أشعل في قلبها النيران:
– أكان وجود الأب هو السند بعد الله؟
هاجر بألم:
– هناك نوع من أشباه الرجال، كلما انكسرت زوجته، ازداد عليها قسوة، واستهان بحقوقها.
في أحد الأيام، وجدت أخي يحدثني، ويقول لي:
– فلتقطعي علاقتك بأسماء، إن زوجها يقول عنها الأقاويل، وأنه يسجل محادثاتها، وعنده ما يدينها، ولولا وجود أولاده، لطلقها.
ذهبت في صباح اليوم التالي لأسماء كي أحدثها، فوجدت عينيها تمتلئ بالدموع والألم، وقالت لي:
– لقد فاض بي، وأهلي يرفضون فكرة طلاقي، واكتشفت مؤخرا أنه يضع الهاتف بوضع التسجيل في غرفتي، لكي يسجل مكالماتي مع أهلي وصديقاتي، وعندما سمعني أحادثكِ بكلمة “حبيب قلبي أنتِ” لم يكمل المكالمة، وأخذها على أني أحدث رجلا.
ثم تهاوت من شدة الحزن والألم، كأنما جبل من الهموم يزداد ثقلا على عاتقها، وتتكتم همومها وتتحمل من أجل أولادها، حتى هذا اليوم الذي افترقنا فيه
جهاد: وكيف حدث هذا؟
هاجر: عندما تم تعييني في الشركة التي يعمل بها المهندس رأفت
– وماذا حدث؟
= أخذ يتودد إليّ بصورة ملحوظة، وكلما ابتعدت عنه طاردني، وفعل كل ما يلفت نظري، وكل ما يهمه أن يملأ قلبي، وأنا أبتعد وأصد هذا المستهتر، حتى استشرت إحدى صديقاتي؛ فنصحتني أن أكشف أمره أمام زوجته والجميع، لأنه يدَّعي الاحترام والمثالية، وقد فعلت كما قالت لي، ويا ليتني ما فعلت!
جهاد تعتدل أكثر في جلستها، ويزداد انتباهها أضعافا مضاعفة، وكانت تنتظر الصاعقة، قائلة بمنتهى العفوية:
– لقد قام بتحميلك المسؤولية، وقال أنكِ مَن كنتِ تريدين إغواءه
هاجر في تعجب:
– وكيف علمتِ؟!
= إنه التصرف الطبيعي لكل نذل وجبان
– قاموا بالضغط عليها، لتقطع علاقتها بجميع صديقاتها، كانت كلمته المعتادة: انظروا.. ماذا فعلن صديقاتها، إنهن غير محترمات.
كان الجميع معه وضدها، وكنت أزورها، ونتقابل في الخفاء، وكنت آتي إلى هنا لأطمئن عليها كثيرا، لكنه علم بهذا من د. محمد؛ صديقه الذي كان يزيد من حالة أسماء _على ما أعتقد_ فقد كنت أزورها في الخفاء، ولكنه أخبره بحضوري، وسبب لي المشاكل بعملي، بعد أن ساعدت أسماء على كشف حقيقة ما يحدث لها.
ازداد فضول جهاد، وقالت لها:
– استمري، استمري، فما خفي كان أعظم
ابتسمت هاجر من أسلوب جهاد، فقد بدت كالأطفال بشغفها ونظرتها النهمة، كأنها ستحصل على قطعة حلوى لذيذة، وقالت:
– بعد أن تفرق عنها الأصدقاء والجيران، كنا نسمع أسماء، ساعة تهذي وساعة تضحك وترقص، وأحيانا تصرخ، فلم تكن هكذا من قبل، وكانت أول مرة لها في هذه المستشفى، وازدادت حالتها سوءا، وعندما رجعت إلى بيتها كان يهابها الجميع، وقد أخذ رأفت أولاده لوالدته في الأرياف، وفي هذه الأثناء كنا نسمعها تتوسل إليه أن تراهم، ولكنه كان يأبى، وحينها كنت أزورها بدون علم الجميع، وكانت تحكي لي أنها لا تدري، ماذا يحدث لها؟! إذ كانت تأتيها تخيلات غريبة، وترى الأثاث يطير، وغير ذلك، كل هذا كان يحدث بعد العشاء وشرب العصير يوميا، ولا تدري بنفسها إلا صباحا، وهي مجروحة ويؤلمها جسدها بالكامل، ورأفت يواسيها، ويقول لها:
أنتِ تؤذين نفسك، فإلى متى ستستمرين على هذا الوضع؟ ولكن رغم هذا شككت في كل شيء، وطلبت منها ألا تشرب العصير، أو أي شيء من يد رأفت، وبحثت معها في كل مكان، حتى وجدت أقراصا غريبة، مخبأة أعلى المطبخ في ورق ملون، فأخذت إحداها وذهبت إلى صديقتي الصيدلانية..
تقاطعها جهاد وقد شخصت عيناها:
– حبوب هلوسة (صراصير)!
نظرت هاجر بتمعن، وقالت لها:
– نعم، وعندما عدت إليها في اليوم التالي لم أجدها، فقد فقدت الوعي لأنه _كما قال_ ضربها على رأسها لمحاولتها إيذاء نفسها.
– رأفت رجاء، لتقل لي ماذا فعلت لكل هذا؟ فأنت أول رجل في حياتي بعد أبي، وكنت تتقي الله في، ماذا فعلت لتقول عني أنني أفعل أفاعيل ليست بي؟! لماذا تُوقع بيني وبين أهلي؟ لماذا تجعلني أتمنى أن أشعر بالأمان، رغم وجودك بحياتي؟ اتركني لوجه الله، حرر أسري، فأنا لا أحتمل كل ما تفعله بي، ولا أجد مبررا لعدم وقوف أهلي بجواري، حررني وسأتنازل لك عن كل حقوقي، اتركني كي أعيش لأربي أولادي، وأعدك أن لن أتزوج بعدك، فلقد تعلمت الكثير من معاشرتك.
= لن أتركك تهنئين بالحياة، ولن أتركك لغيري، فلم تكن الحياة لشيء ملكي بعدما أتركه، سوف أعتصر قلبك، وأجعلك تتمنين الموت كل لحظة.
بكاء ونحيب، تتعالي أنفاسها، يتبعها شعور بصدمات وهفوات، تسبب فيها بروحه المريضة، كان كالنار تأكل في العشب، تتعالى نبضاتها ويزداد الظلام في عينيها، وهو في خارج الغرفة يضحك، ثم دخل مكتبه ليتحدث في الهاتف.
ففعلت مثلما كان يفعل، وضعت هاتفها تحت الباب في وضع التسجيل، وبأصابعها أدخلته تحت طرف السجادة، بدون أن يشعر، كان العرق يتصبب منها صبا، وكانت خائفة؛ كأنها تحارب شبحا، حتى أيقظها صوت:
– أسماء، كيف حالك؟
كان هذا د. ماهر، الذي كان قد أتى لها بكل ما تحب من طعام، فقد أخذ القائمة من جهاد، التي بدورها علمت كل شيء من هاجر، فنظرت أسماء باستغراب، قائلة:
– لقد تذكرت، لقد تذكرت
هَم بالجلوس بجوارها مهدئا إياها، وكل ما كان على لسانها:
– لقد كان في يدي سوار من الجلد، رجاء، دلني عليه، بكل هدوء أشار لها، قائلا:
– اهدئي، فهو في مكتبي
= رجاء، أءتني به، حالا، رجاء، أسرع
تركها ذاهبا إلى مكتبه، ثم أتاها به، وهو ينتابه الفضول، لدرجة أنه لم يلاحظ هاتفه النقال، الذي يزداد اهتزازه في جيب سترته.
تمسك أسماء بالسوار بكل لهفة، وتقوم بفتح مكان به صغير جدا، لتُخرج منه بطاقة ذاكرة هاتف نقال، وتحمد الله وتكبر وتهلل، رأى في عينيها وكأن طفل صغير استعاد أمه بعد ضياع.
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
= وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
– أدهم، أنا ماهر، رجاء، لتترك ما بيدك، وتأتيني حالا بالمستشفى
= أهناك حادث ما، أو أن أحدهم قام بمضايقتك، فلتقل لي وسوف آتي بعربة مصفحة، لأجعل من هذه المستشفى معسكرا للشرطة
– لا تقلق، فلم يحدث لي شيء، ولكن أريدك وحدك، فالأمر هام جدا، ولا أريد أن يلاحظ أحد أنك ضابط شرطة
= في خلال نصف ساعة، سأكون عند باب المستشفى، إلى اللقاء، أخي
وفي خلال نصف ساعة رن هاتف ماهر، ولكن هذه المرة لم يكن أدهم، فقد كان رأفت
ماهر:
– السلام عليكم
رأفت:
= وعليكم السلام، كنت أريد أن أطمئن على حال زوجتي، وأريد أن أقوم بنقلها إلى مشفى خاص
ماهر بهدوء:
– لا بد أن تستوفي جميع الإجراءات، وقبل كل هذا، لا بد أن تتعافى هي جسديا لأن رأسها به إصابة.
رأفت:
– لقد تحدثت إلى المدير، ووافق، ولكنه وضع شرط توقيعك على الأوراق، مثلما كان يفعل د. محمد، رحمه الله.
ماهر:
– لن أسمح بخروجها قبل أن تتعافى جسديا
رأفت:
– سنرى.
وأغلق الهاتف في وجه ماهر كما فعل سابقا.
زفر ماهر بارتياح وهو يرى ذلك المتهور أدهم عند باب المستشفى، وعندما خطى نحوه، سأله الأمن:
– د. ماهر، أتعرف هذا الشخص؟
ماهر: نعم
الأمن:
– لقد قال أنه يريد أن يقابلك، وعندما سألناه عن سبب الزيارة قال أنه مدمن، ويريدك أن تعالجه بالمستشفى.
نظر إليه ماهر وهو يكتم ضحكاته، تكاد عيناه أن تخرج من شدة ما يكتم، وأخذ أدهم ودخلا المستشفى، وهو يهمس ضاحكا:
– مدمن، يا أدهم؟!
أدهم:
– لقد تأخرت، ولم أجد أي حُجة لدخولي، رغم أنني كانت قد أتتني فكرة أخرى، وهو أن أفتعل الجنون.
انفجرا بالضحك بمجرد الوصول إلى غرفة المكتب، فلم يستطيع ماهر أن يتحكم في نفسه أكثر من ذلك.
– أمي، لا تتركيني وحدي، فليس لي سواكِ بعد أن سافر إخوتي، لا تسافري إليهم وتتركيني
= بنيتي، أعلم أنكِ في ابتلاء، ومساعدتي لك لن تفيد، وذلك من أجل أولادك، وأنا لا أريد أن يغضب إخوتك، فأنا وحدي وأنت ترفضين زيارتي، وقد تمكن مني المرض، وذهابي هناك للتداوي والاستئناس بهم، وسوف آتي إلى هنا في زيارات، ونتواصل بالهاتف كما نحن الآن.
– أمي، فلتسمعي مني، أنا أحتاجك بشدة، وقد تفرق الجمع عني.
= أعدك بنيتي، أن أُؤدي مناسك العمرة، وأتعافى، ولن أتأخر عليك.
تتزايد الصدمات، ويتفرق عنا الأحباب، بل باتوا كالأغراب، تشعر بيد غريبة تحاول أن تنتزع السوار الجلدي من معصمها: – أما زلت أحلم؟!
لا إنها حقيقة، تفتح عينيها فتجد الممرضة أمامها، وتتلجم الكلمات وهي بتوتر تقول:
– إنه ميعاد المهدئ.
ولكن هذه المرة كانت أسماء أسرع في رد الفعل، اختطفت الحقنة، وقالت لها:
– بكم اشتراكِ؟
نظرت الممرضة إليها، وبصوت هادئ متحدٍّ، قائلة:
– ليس لك شأن، أيتها المعتوهة، فهو يستطيع أن يشتري المستشفى بالكامل، كما كان يدفع للجميع، ولدكتور محمد سابقا، لكنه لم يصل بعد لماهر، وعندما حدثته عن السوار، وحديثك بأنكِ تذكرتِ، وضع تحت قدمي ما لا أستطيع رفضه من العروض المغرية، فأنتِ من الساعة ستصبحين فانية، والسبب نوبة عصبية أدت إلى قطع الشريان، ولكن الحقيقة، أنه أنا من ستقوم بقطعه، وسوف أخرج من هنا وكأن شيئا لم يكن.
ثم أخرجت مِشرط العمليات من جيبها، وهمت بقطع شرايين أسماء، وفجأة وجدت وخزة في رقبتها، ولم تشعر بنفسها إلا وهي ملقاة على الأرض
نظرت أسماء في خوف وريبة، وأنفاسها تتقطع، وصراخها لا يخرج من حنجرتها، شعرت أنها تصعد إلى السماء، وتهوي على الأرض بلا هوادة أو رحمة، وإذا بيد د. ماهر تفيقها، وهو يطمئنها، ونظرت لذلك الوجه البشوش خلفه متسائلة:
– من هذا؟!
علم ماهر بما يجول بخاطرها، فقدم لها أخاه وصديقه:
– أقدم لكِ الضابط أدهم، فهو أقرب إلي من نفسي، رويت له ما حدث، ولحسن الحظ أننا سمعنا ما قالته الممرضة، ولحقتها بحقنة مخدرة، لن تفيق منها إلا بعد ساعة
نظرت أسماء متسائلة:
– وأين هي الآن؟
أدهم:
– مقيدة بالغرفة المجاورة، أغلقت الباب عليها بالمفتاح حتى تستفيق، ثم أقوم باستجوابها.
– رجاء، قُصِّي علينا ما حدث
اطمأنت أسماء، وتابعت الحديث، وهي تقول:
– سجلت مكالمته بنفس طريقته في التنصت علي، وعندما خرج من غرفة مكتبه، وتوجه إلى المطبخ لعمل العصير…..
قاطعها أدهم:
– مَن؟
ماهر في فضول وغضب:
– رأفت؛ الذي حدثتك عنه منذ قليل.
ناظرا إلى أسماء أن أكملي، فتابعت:
– وعندما خرج من الشقة، أخذت الهاتف من تحت السجادة، لكي أستمع إلى من كان يتحدث! وهنا كانت الصاعقة!
يقاطعها أدهم بكل شغف:
– ماذا سمعتِ؟ أكان يتفق عن قتلك من أجل الميراث؟ أم أنه رئيس عصابة، ويتاجر بالممنوعات؟
نظر إليه ماهر، قائلا:
– لتصمت قليلا كي نفهم، فما فائدتك إن لم تستمع إليها، أيها العبقري؟!
أدهم:
– إنها الأنف البوليسية أخي، عذرا لقد انتابني الفضول، فلتتحدثي، ووعد مني لن أقاطعك مرة أخرى.
تابعت قائلة:
– لقد كان يتحدث إلى إحداهن، وكان يقول لها أن هذه آخر أيامي في عالم العقلاء، وسوف يحجر علي ويأخذ ميراثي، ويتركني في مستشفى المجانين للأبد
أدهم بكل ثقة:
– ألم أقل لكم؛ الأمر خاص بالأموال والميراث؟!
ماهر مشيرا إليه أن يصمت، فتابعت أسماء بكل حزن وألم:
– ليست هذه هي الكارثة..
انتبه إليها الجميع متسائلين بأعينهم، كأنهم منتظرون قدوم المجهول، فقاطعتهم جهاد بدخولها عليهم، وهي تقول:
– لقد كان يتحدث مع زوجة عمها، وكانوا يتفقون على أنه سوف يتم تزويجه من ابنتها، التي يهيم بها رأفت عشقا، ولكي لا يكون من المستحيل ارتباطهما أمام الجميع، لا بد أن يكون هناك سبب مقنع للتخلي عن أسماء، وأخذ الأولاد والسفر خارج البلاد، ويهنأان سويا.
نظر إليها الجميع بنفس التساؤل:
– وكيف عرفتِ؟
جهاد:
– مِن هاجر؛ لقد حدثتها أسماء مباشرة بعد صدمتها، وهي من قالت لأسماء أن تُخفى بطاقه الذاكرة بالسوار الجلدي، الذي كان هدية منها إليها.
نظر إليها أدهم، متسائلا:
– مَن هذه؟ ومَن هاجر؟
رد عليه ماهر:
– سوف أقول لك في وقت لاحق، اصمت واستمع رجاء.
وهنا قالت أسماء:
– لقد سافرت هاجر إلى خارج القاهرة.
جهاد:
– وقد أتت عندما علمت ما حدث لكِ
نظر ماهر إلى أدهم قائلا:
– أرأيت؟
ازداد مقت أسماء وبكاؤها وهي تقول:
– ألهذه الدرجة تصل الخيانة، رغم صدمتي إلا أنني لم يعد بداخلي مكان لم يتمزق
أخذ أدهم بطاقة الذاكرة، وذهب مع ماهر إلى المكتب، متصلا بزملائه بمديرية أمن القاهرة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة حتى يجمع باقي الأدلة، وإذا بهم يدخل عليهم رأفت المكتب، قائلا بتهكم، موجها حديثه إلى ماهر:
– لتسرع بالإمضاء، فليس لدي وقت، وقد أخذت موافقة المدير لكي أُخرج زوجتي من هنا، وإن حدث لها مكروه سوف أحملكم المسؤولية، وسأطالبك بتعويضات.
ماهر بكل هدوء:
– لتجلس أولا كي نتحدث، فلم تقم الممرضة بمهمتها بعد، ولم تستطع أن تقتلها، أو تأخذ بطاقه الذاكرة
نظر رأفت بارتباك وذهول، قائلا:
– لا أفهم كلمة مما قُلت
نظر إلى أدهم المستهزئ كعادته، وهو يقول:
– أأصابك صمم أيها المتعجرف، أم أنك لم تعد تعي ما يقال لك؟ لقد اعترفت عليك الممرضة.
جلس رأفت متمتما:
– هي كاذبة، وكلكم كاذبون، فأنا لم أتفق على قتل أحد، وكيف أقتلها؟ ولماذا؟
أخرج أدهم من جيب سترته بطاقة الذاكرة، التي جعلت رأفت كالمجنون، موجها إليه سلاحا يحمله معه دائما، قائلا له:
– اعطني إياه وإلا قتلتك، ولن يحاسبني أحد، فأنا معي شهادة معاملة أطفال، أعطاني إياها د. محمد.
نظر إليه أدهم في رعب، بينما ماهر يريد أن يهدئ من الوضع، تحدث أدهم برعب وتوتر، يظهران في صوته ونظراته، وهو يركع أرضا، واضعا كارت الذاكرة أمامه، وإذا به ينهض آخذا المسدس من يد رأفت في ذهول منه، لسرعة الأداء ورد الفعل، ممسكا برقبته، قائلا له باستهزاء وبسخريته المعتادة:
– إذا، أنت ذلك المدعو عنبة، ورجعت برجلك إلى عنبر العقلاء.
فنظر إليه ماهر ضاحكا:
– لقد تخيلت للحظة، أنك فعلا ارتعبت.
تم كل شيء وكأنه حلم، وقصة خيالية، وأصبح رأفت في السجن بتهمة الشروع في قتل، وخرجت أسماء لتمارس حياتها، وعَلم الجميع أنها قد ظُلمت من القريب قبل الغريب
ثم بعد مرور عدة أشهر..
تنظر أسماء الحاملة لأولادها الثلاثة، هي وصديقتها هاجر بمطار القاهرة، تجاه الصوت وقلبها يخفق، إذ تجد أمها تهرع نحوها وتحتضنها، وتتأسف وتندم على كل ما صدر منها، متمنية السماح من ابنتها، وتركع أسماء مقبلة قدم أمها، قائلة:
– ليغفر لنا الله جميعا، يا أمي
جهاد ضاحكة:
– يا حبيبي، منذ أن تزوجنا في بداية هذا الشهر، وأنا أشعر أننا نأخذ حبوب هلوسة
أدهم ضاحكا:
– لا تخافي، فنحن في هلوسة طبيعية(ما جمع إلا لما وفق) وتتعالى الضحكات، فهما كالمجانين في حبهما وضحكاتهما.