احتضنت تلك الصورة القديمة، التي غابت عنها الألوان، وظهرت رمادية مثل مشاعرها؛ بين الأبيض والأسود تتأرجح، لا تستطيع أن تحدد؛ هل غابت ألوان الصورة بسبب الزمن الذي التقطت فيه، أم بسبب الزمن الذي مر عليها ذهابا، دون إياب؟!
على كل حال.. لن يختلف الأمر كثيرا، ففي كل الحالات يفوز الزمن بسباق جررنا إليه مجبرين.
نظرت بشوق يحطم جدار القلب إلى تلك الوجوه الباسمة، وبداخلها عداد يدق؛ واحد.. اثنان.. ثلاثة.. أربعة..
تشقق القلب شوقا وحنينا، فكل الوجوه غابت، وكل العيون صارت ذكرى، رحل عنها الكثير؛ بعضهم دون وداع، وبعض آخر لم تحسن هي وداعهم.
كم هو مؤلم أن تسير وحيدا بين طرقات شاركها معك أحدهم يوما ما!
وكم هي مظلمة تلك الأماكن التي شهدت الضحكات العالية، والحكايات الطويلة، والأحلام الملونة؛ مثل الزهور، حتى أن بعضها تكاد تستنشق عبيره يخترق عقلك وقلبك.
تسللت أصابعها نحو أحد الوجوه، رسمته مرارا وتكرارا، دون توقف، ثم غطته بسبابتها.
ما أصعب غياب الحاضرين، وما أشد وحدة الغائبين رغم وجودهم!
تشفق على صاحب الوجه، وفي نفس الوقت تشعر بالغضب منه؛ لعب الزمن به لعبته المشهورة، ثم توقف حينما أراد هو أن يهرب، وهرب منه عندما توقف دون حراك.
تتمنى لو تخرجه من أسره؛ من بين حواف تلك الصورة القديمة، ليدرك ما فاته، ولكن بداخلها صوت يخبرها أن أوان ذلك قد فات، وأنها مهما حاولت فليس للأمر معنى.
فما فائدة الوعي إن تأخر، وما فائدة البكاء على أمر لن نغير به شيئا؟!
رفعت رأسها لتواجه صورتها في المرآة المشروخة أمامها، وهي تشعر أن ذلك الشرخ الذي اخترق انعكاسها يخترق جسدها وقلبها؛ بل حتى روحها.
تشعر بأنها ممزقة بين نقيضين، رفعت سبابتها عن ذلك الوجه الصغير التائه بين الوجوه بصورتها الرمادية، وهي تتنهد تعجبا من علامات الزمن الواضحة كالشمس على نفس الوجه الظاهر في المرآة أمامها!
مشاعر رمادية
ما شاء الله كاتبة ماهرة بارك الله فيك
ما شاء الله كاتبة ماهرة
احسنتي استاذة رشا اسلوب يتميز بالسلاسه والنعومه في نقل المشاعر المتتابعه والمتلاحقه بشكل يجذب القارئ ليكمل القراءة دون ملل
تمنياتي بمزيد من التقدم
ماشاء الله
سلمت أناملك .
الى الامام دالما .