كونوا كالبحر
بقلم: نوال مرتضى
مُتْرَعَةٌ أَروَاحُنا بِالأَلَم وَمَا ضَمَّد لَنَا الحَرفُ جُرح
وازدَادَت جُروحنَا الغَائِرَة وتوَسّعت فِي كُلِّ شِبرٍ
بعيدا عن ضجيج الدنيا وصخب أهلها، ألتمس لقلبي ملاذا آمنا، ولروحي مؤنسا ومستراحا، وأرحل بهما إلى من أتوق إلى مجالسته، وأنصت بشغفٍ لحديث أمواجه.
لصديقي الصدوق الذي ينصت لبوحي، ويحفظه، ويسمعني دونَ ملل.
لمن حمل سفينة نبي الله نوح ومن تَبعه، وحفظهم حتى استوت على الجودي.
ولمن حفظ نبي اللّه يونس في بطن الحوت، يضمّه كالأم الحنون.
ولمن كان اليمّ الذي حفظ كليم اللّه موسى رضيعا، ونجاهُ نبيا بأمر اللّه وصحبه من بطشِ فرعون وجنوده.
سعته ورحابته
هو البحر بعميق معناه وأسراره.
هو كقلبي حاله وديع تارة، وأخرى يثور كالطوفان، لكن لا يلبث أن يعود لسكونه وصفائه وسعته ورحابته، كبحرهِ
يشاطرني عَبَرَاتٍ أواريها عن عيون من حولي، فيذرفها معي بأمواجه التي تعانق شاطئه.
كونوا كالبحر..
هو الصديق الوفي النقي، لا تخافوه عند هيجانه؛ فهو يَلفظ زَبده، لا يقبل غشا يخالطه.
ولا تهجروه، ففيه الدُّر والرزق الوفير.
هو من بدائع الخالق، اسألوا اللّه خيره وخير ما فيه.
صديق صدوق لا يعرف نفاقا ولا تملّقا.
واضحا جليّا حين سكونه، يناديك ليحتضنك ويلاعبك بأمواجه الرقيقة، كأمٍّ تُهدهد طفلها بحضنها.
وعند هيجانه يثور وتعلو أمواجه؛ فلا يخدعك؛ يُحذرك لا تقترب، ولا تأمن أمواجي، يقولها بودٍّّ:
– لا أملك غَضْبتها؛ قد تغدر بي وتُغرِق كلّ من يتحدّاها ويخوض غِمارها!
كونوا كالبحر..
هو البحر..
الدُّر في أصدافه، والجمال في قيعانه، والسعة في جوده.
منه اشتقت بحور الشعر والعلم والأدب معانيها، واقتبست من سجاياه ففاضت على الدنيا والبشرية خيرا عميما.
فكونوا..
كالبحر في عَطائه
كالبحـر في سـعتِهِ
كالبحر في أعماقهِ
كالبحر في شاطئهِ
كالبحر في غَضبةِ الحق
كالبحـر؛ تحمل الخير في أعماقك، وتلفظ الشرّ كما يلفظ زبَدَه
كالبحر جُودا وسِعةً ونقاءً؛ لا يقبل إلا طيبا، وأمّا الزّبد فيذهب جفاء..
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا