(نزار قباني) نظام أحبه ولا محبوش
واضح من العنوان أنها عاشقة تستغيث؛ ترسل رسالة استغاثة من أعماق البحر، والبحر رمز العطاء والفناء معا، فهي تستغيث من هذا العذاب؛ تريد إنهاء العلاقة!
لكنها لا تستطيع أن تصدر قرار الرحيل، وقلبها لا يطاوعها، فتطلب من حبيبها أن يساعدها هو في إصدار القرار وإنهاء العلاقة:
إن كنت حبيبي ساعدني كي أرحل عنك
أو كنت طبيبي ساعدني كي أُشْفَى منك
لو أني أعرف أن الحب خطير جدا ما أحببت
لو أني أعرف أن البحر عميق جدا ما أبحرت
لو اني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت
أو تطلب على الأقل أن يعلمها ويشرح لها كيف تتخلص من هواه وعشقه؟
فيبدو أنه أكثر خبرة وتحملا منها طبعا؛ باعتباره رجل:
اشتقت إليك فعلمني ألا أشتاق
علمني كيف أقص جذور هواك من الأعماق
علمني كيف تموت الدمعة في الأحداق
علمني كيف يموت الحب وتنتحر الأشواق
إن كنت أَعزُّ عليك فخذ بيدي
فانا عاشقةٌ من رأسي حتى قدمي
بل يصل الأمر أن تتغزل فيه، وتصفه كأنه الحياة نفسها، حتى يساعدها ويخرجها من هذا العذاب:
يا كل الحاضر والماضي يا عمر العمر
هل تسمع صوتي القادم من أعماق البحر
إن كنت قويا أخرجني من هذا اليم
فأنا لا أعرف فن العوم
ثم في النهاية استقرت واتخذت قرارها، بأن تستمر في الحب والاشتياق والعشق، مهما كلفها الحب من عذابات؛ تتنفس مرة وتقاوم، أو تغرق، ليس مهما، وكأنها أنثى أخرى تحاجج الأولى:
الموج الأزرق في عينيك يناديني نحو الأعمَق
وأنا ما عندي تجربة في الحب ولا عندي زورق
إني أتنفس تحت الماء
إني أغرق
أغرق
أغرق
وواضح في لحظة التردد أنه (نزار) يستخدم أكثر من قافية، مترددا بين الكاف (عنك، منك)، والتاء (أحببت، أبحرت، بدأت)، والياء (يدَي، قدمَي)
ثم لما استقرت على حبه وهدأت، استقر (نزار) على قافية القاف (الأعماق، الأحداق، الأشواق، الأعمق، زورق، أغرق)
و(نزار قباني) مغرم جدا بنظام أحبه ولا محبوش؛ فيستخدمه كثيرا!
كما في قصيدته (أسألك الرحيلا)، ففي بدايتها تطلب الحبيبة من حبيبها الفراق:
أسالك الرحيلا
لخير هذا الحب يا حبيبي وخيرنا
أسالك الرحيلا
لنفترق قليلا
لخير هذا الحب يا حبيبي
وخيرنا
لنفترق قليلا
ثم في النهاية كأنها تقول له: أنا عيِّلة وما تاخدش على كلامي:
ابق حبيبي دائما كي يورق الشجر
ابق حبيبي دائما كي يهطل المطر
ابق حبيبي دائما كي تطلع الوردة من قلب حجر
لا تكترث بكل ما أقول يا حبيبي
في زمن الوحدة أو وقت الضجر
(وابق معي إذا أنا سألتك الرحيلا)
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا
استمتعت جدا بهذه المراجعة