هبوط آمن
بقلم: أميرة العربي
عزيزي..
ثلاث أيام وليلة، حزام مفخخ بالأمان جعل مني تلك المضيئة حين الانفجار
قل مرحبا، أو مُر حُبا، ولا تلتقط ما سقط منك سالفا
تعاهدنا أن نتبادل الرسائل، كنا في الطائرة نكتب ونكتب، ولا نبالي بتلك الرجرجات البسيطة طيلة ساعات السفر، نضحك على كلمات كانت تخرج من أفواهنا في نفس الوقت، ونحزن حين نتذكر أننا لسنا بجوار بعضنا البعض.
نظرت نحو السماء لأجد وجهك، وكأن خيالاتنا نسجت من بُعدِنا؛ قربا ليس بقريب، نحتسي الشاي الأحمر، ونتغزل بحبيبات السكر، ونريق بعضا من دماء علبة المربى فيغرق الخبز ونأكل، نكتب وكأننا نتحدث صوتا، أشعر أن جميع من بالطائرة يسمعنا، ويلتفتون إلى ضحكاتنا، ولا أحد يستطيع أن يمنعنا، فقط يرتدون غطاء العين، ويضعون سدادات الأذن؛ ليخلوا لنا الحلم بين الأرض والسماء
– لحظات سوف أذهب قليلا
= إلى أين؟
– المرحاض
= المرحاض، أم ستتغزل بتلك المضيفة الشقراء؟!
– يالكِ من شقية! أأنظر لأحد ومعي الأميرة التي تمثل لي كل النساء؟!
= أشعر بالتثبيت
– أشعر أنني سأبلل سروالي
= لا، لا فلتذهب، سأصمت
– فلنتقابل
= أين؟
– هنا
= لا، لا، كي لا يختل توازن الطائرة
– بل، قد اختل توازني أنا
= لِمَ؟
= ضحكاتك أسمعها الآن
– أعلم وأرى ابتسامتك ونظراتك المرحة
= فلنلتقي
– لقد تعاهدنا ألا جنون
= فأنا العاقل
– وأنا تلك المشعوذة التي ألقت عليك التعاويذ لتفقد عقلك
= قلبك يصدح باسمي، ووجهك يضيء عتمتي
– لا، لا؛ فقط كادت الطائرة أن تصطدم بنجمة كنت صنعتها في مخيلتي لأبعثها إليك؛ تنير النافذة بجوارك، فيشع ضوؤها من أجلك.
صوت القائد عبر المذياع:
– نرجو ربط الأحزمة؛ لقد وصلنا
نظرت إلى هاتفي، وكتبت كلماتي مع توتر بسيط بأنفاسي
– لا تترك يدي، فأنت تعلم أني أخاف تلك اللحظة
= لن أتركها، فقط تمسكي بي جيدا، فأنا أحيطك بأذرعي
– هبوط آمن؟!
= نعم، هو هبوط آمن
– ستتركني؟
= لا، فقد تعاهدنا
– إذا؟!
= كما اتفقنا؛ أنتِ الآن في أوروبا، وأنا الآن أهبط في الصين.