شيب متسلل
بقلم: أميرة حربي
في غضبة أنثى، تسلٓل الشيبُ بين خصلات شعرها الكستنائي، فألبسها تاج حكمة ووقار أرستقراطية، وبين جنبات قلبها تلهو طفلة ذات جديلة فرنسية، تلملم خصلات شعرها الناعم.
افتر ثغرها عن ابتسامة حزينة، ما لبثت أن تلاشت وهي تتمتم بأبيات (إيليا أبو ماضي):
وفاضت على ثغر الحزين ابتسامة
تخبر أن الحزن ليس بدائم
مسحت بيدها على شعرها، لملمت أطرافه بخفة المحترف، وشرعت تجدل ضفيرتها الفرنسية المعتادة، مما زاد من تلألؤ شيبها، أمعنت النظر وهزت رأسها بخفة المطمئن القابض على زمام الأمور، وأدارت ظهرها للمرآة.
تناولت بضعة حبوب طبية بجرعات كبيرة من الماء، تحرص عليها منذ أن أعلن ذلك الخط الباهت أسفل عينيها فيروزتي اللون عن استيطانه لهذا المكان.
سكبت نفسها بداخل الإسدال المكي المنشأ، وتأبطت سجادة الصلاة المدنية، ترافقها مسبحتها العتيقة ذات التسع وتسعين حبة.
استدعى شهيقها هواء الفجر النقي، وأطلقت زفيرا محملا بأتربة الموروثات الخاذلة عن العمر والشيبُ والرزانة والعجز.
تلذذت في صلاتها بخشوع باكٍ؛ قلما يزور الإنسان اللاهي، عاهدت الله ألا تيأس من رحمته، طوت كل أحزانها ويأسها وأذابت جليد الوهم على بخار الحماس المتصاعد من طنجرة الحب والأمل؛ لن تدعهم يؤذون طفلتها ذات الجدائل، ستطلق لها العنان؛ لكن سترشدها إلى ما لا يسع الفتاة المسلمة جهله، وبعدها سترحب بالشيبِ ضيفا غير مقيد لحريات أهل البيت.
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا