زمكان القلوب
بقلم: محيي الدين محمود حافظ
خرج حاملا بضاعته، حالما بالجبران وعلى كتفه جعبته، ممنيا نفسه بالخلاص، ماشيا؛ حتى السوق لا يعرف اسمه، و لا يرضى سوى البيع، واستقر وأنزل كنانته؛ كنانة القلوب، نعم؛ أبيع القلوب
ونادى:
من منكم يريد قلبا زاهدا، بسعر زهيد، لينير قلبه الجاحد؟
من منكم يريد السعادة، بقلب يملؤه البؤس والشقاء؟
عرضي اليوم بنصف السعر
هلموا
وبدأ الناس يلتفون حوله، وهالة الذكريات تمر بهم، ويتذكرون ما فات
وعاد ينادي:
قلب صادق للبيع، لأصحاب القلوب المريضة بالكذب، والحقد، والرياء…
قلب للبيع قاسٍ، لمن عاش عمره مسالما مقهورا
قلب مطمئن، لأصحاب القلوب الأمارة بالسوء
وهنا تجمع الناس أكثر، واشتروا كل ما في كنانته، كلٌّ حسب مراده
أمسك جعبته الخاوية، وما جاد به الله من رزق، وكاد يمني نفسه بالفرح، والتقت عيناه لترى صدره؛ محدثا نفسه:
ما هذا التجويف على صدري؟ أين قلبي؟! أكان في جعبتي؟ أبعته أيضا؟!
وصاح منادٍ:
يا أهل السوق، أهناك قلب للبيع؟
ثم سكت:
أي قلب أنا، وأي قلب كنت أريد؟
لقد أيقنت أن بحثي سيطول، وأني تائه بين القلوب، روح بلا يقين!
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا