حقيقة واقعية
بقلم: مريم توركان
قرأتُ لأحدهم بعض النصوص، فوجدتُ ما استوقفني لحظاتٍ للتفكيرِ في عُمقِ ما قرأت، ثُمَّ تمعنتُ في الكلماتِ فوجدتها مرآةَ قلب صاحبها، ورغم ذلك إلَّا أنَّ ظاهرها يبدو لمَن لا عُمقَ لهُ في القراءةِ، وكأنَّ الكاتب هو الجاني؛ حيثُ اللوم الزائد والتوبيخ، بالإضافة لجلدِ الذات جلدًا مُفجعًا!
تساءلتُ:
لماذا يُظهر الكاتب نفسه بثوبِ الجِناية؟ وعلى مَن جَنَى، يا تُرى؟
ظللتُ أتساءل حتّى أنهيتُ قراءتي، وعلمتُ أنَّ الكاتب ما هو إلَّا مجني عليه، وما لوم الذات إلَّا لأنَّها وثقت فيمَن ليسوا أهلًا للثقة، حينها شعر بأنَّهُ قد جنى عليها، فجلدها بسياطِ القلم، وما أوجعه من سياطٍ؛ إذ ينهل من العقلِ ويكتُب بحبرِ القلب.
إنها حقيقة واقعية..
إذا رأيتَ أحدهم يصدُقكَ القول في وصفِ نفسه، لا يُجاملها أو يُهينها، كما لا يستتر بزيفِ الكذبِ، مهما كانَ برّاقًا، ولا تُغويهِ الألسنة، مهما كانت معسولة، بسيط في تلقائيته، تلقائي في بساطته، فاعلم أنَّكَ قد صادفتَ قلبًا نقيًّا بروحٍ طاهرة، والصُّدف قدرية، فالأمر كُلّه للَّه عزّ وجلّ، شُدَّ على يديهِ ولا تتركه لجلدِ ذاته.
السيء يُبالغ بمدحِ نفسه بما ليس فيها، أمَّا الحسن فلا يُفرحه مدح ولا يُحزنه ذم؛ يكفيه أنَّ اللَّهَ يعلمُ ما في قلبهِ، وكفى..