حديث العيون
بقلم: أحمد خليل إبراهيم
العيون ليست بالسهل الذي تطأه الأقدام، أو يحلو فيه المسير، إذ أن للعيون أغوارا بعيدة لا يبلغها إلا ذو حظ فيها أو له نصيب منها.
العيون كائن لا يخون من أراد وده، ورأى فيه وصله، وهي كتاب فيه الفكر؛ ففيها الطفل الحائر والراشد الحكيم، فيها بحر المودات عذب، ونهر المستعذبين خصب.
العيون كتاب ليس لأي أحد أن يقرأه، ويفهم ما بين سطوره وما حوته دفائفه، كما أنها ليس من السهل أن تفصح عما بها إلا لمن أرادت أن تفصح له، فانظر إلى شغفها حينما تحادث القمر، وانظر إلى خجلها حينما تحاكي الشمس، انظر إلى حديثها الرقراق مع البحر في صفائه وهدأة أمواجه، انظر إلى عتابها له حينما يثور وتتفلت أمواجه عن جانبيه، انظر إليها حينما يلتقي الحبيب حبيبه…
هنا تكمن الحكايا وتروى الروايات، ومن أراد المسألة، فعندها الجواب، ومن وجد الجواب، فعليه الارتحال، فإما واجف غواص، وإما مسافر رحال.
العيون بيت التيه الذي لا هدى فيه ولا ضلال، كهف زائروه من كنهه في عجب، ومن سطوة سحره في سكر!