حبيبة
بقلم: مريم توركان
وُلِدَتْ حسناء كطُّهرِ الرّوح، بيضاء كصفاءِ القلب، جميلة كنيّةِ المؤمن، أحبّها الأبوانِ والإخوة والأقربون، أسماها أبوها حبيبة، لتكونَ الأحبَّ إلى أهلها وذويها.
مَرّت الأيَّام وكبرت حَبيبة، وقد زادها اللَّهُ جمالًا وحُسنًا، كما زيّنها بالحكمةِ فكانت أعيُن الجيران تُلاحقها طِيلة الوقت.
لم تكترث لهم وظلّت تُناجي رَبّها في مِحرابها أنْ يرزقها الصالح من الأزواج، أجابَ اللَّهُ دعوتها؛ فتزوجت من رجلٍ صالحٍ أنجبها ثمانيةَ عشرَ ولدًا وثُمَّ ماتَ وتركها لا تسأل أحدًا، بل تُعطي هذا وذاكَ من خيرِ أرضها وبَركةِ زيتونها.
ظلّت هكذا حتّى كبر الأبناء، وهُنا زادَ حِقد الحاسدينَ لهم وللثراءِ الذي هُم فيهِ؛ فاتفقوا مع مجموعةٍ من اللصوصِ ليسلبوهم ثراهم وأرضهم ثُمَّ حقّهم في الحياة!
اجتمعَ الأوغاد، وفي ليلةٍ غبراء تسللوا إلى دارِ حَبيبة، حاولوا اغتصابها لكنَّها قاومت، هبَّ الأبناء للدفاعِ عن الأمِّ لكنَّ الأوغاد كبّلوهم بالأغلالِ، ثُمَّ تمّلكوا البيت عُنوة، صرخت حَبيبة لنجدةِ نفسها وبنيها لكنَّ أحدًا لم يُجبها.
نادى الأبناء أخوالهم وأعمامهم لكنَّهم لم يُجيبوهم أيضًا!
مضت الأعوام وظنَّ الأوغاد أنَّ البيتَ لهم وأنَّ حَبيبة وبنيها ما هُم إلَّا عالة لا بُدَّ من بترِها.
عادت حَبيبة تُناجي رَبّها أنْ يجمعَ شمل إخوتها، وأنْ يوّحد صّفهم وكلمتهم، وكالعادة أجابَ اللَّهُ دعوتها فكانَ طوفان العروبة.