تسرب
بقلم: مصطفى نمر
تسرُّب بسيط مسحه بمنديل ورقي، ولم يعره أي اهتمام، ذهب وأتى، وخرج ودخل، ومارس حياته بكل طبيعية، ولم يفته أن ينظر إلى مكان التسَرب، فوجده تعافى.
تسرُّب بسيط آخر؛ مسحه بمنديل ورقي، ووضع ضماده بسيطة عليه، ثم مارس حياته بكل أريحية وبساطة، ورأى واكتشف وسمع ومشى وسار فى الطرقات، واشترى وباع وكسب وخسر والتقط أنفاسه.
تسرّب بسيط مسحه بمنديل ورقي، ووضع عليه ضمادة طبية فى صيدلية قريبة، وتزوج وأحب وتعاطى خمر العشق، وتحمل واحتمل وكابر وواجه وغضب وضحك وحمل طفله وفاجأته مشاعر الأبوة؛ بحلوها ومرها، وتذكر ونسي واتسعت الدائرة وأغلقت وشعر ولمس و…
تسرب بسيط، فذهب إلى مستوصف قريب وكتب له الطبيب دواء وأوصاه بتنظيف مكان النزيف، ووضع ضمادة أكبر، واكتشف وفطم على كبر، وخلا المكان عليه ورحل من رحل وأتى من أتى، وأكمل وأصر وواصل واختبر مشاعر الوحدة والاكتئاب، وتناول المهدئات واستبدل بهم السجائر والقهوة، وانطلق غير عابئ بشيء، يتمسك بنسمات الهوى ولون الورد، وصاحبت خطاوي قدمه الشارع والحارة والقهوة، وانتعل القهر والألم وأشواك الطريق.
تسرب بسيط مستمر، أخذ أهبة الاستعداد لمواجهة مرتقبة مع المرض المتكرر، وقرر التركيز والمراقبة والانتباه هذه المرة؛ سأل وبحث واستفسر واستقصى حتى وصل إلى طبيب يعالج حالتة، نصحة بالراحة والهدوء والابتعاد وخياطة الجرح أو إذا لزم الأمر إجراء جراحة لترقيع مكان التسرب من جلد الفخذ.
تسرّب مستمر ومستمر ومستمر، فقد الأمل والمحاولة ووصل إلى حالة سلام نفسى، ومصالحة مع التسرب الذي استمر لسنوات عمره يأخذ منها، قرر تركه حتى النهاية.
جلس وفكر وانشغل بمسائل أخرى بعيدة أو غابت عن أفكاره، وبحث عن أجوبة لمعاني الحياة.
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا