تتعدد المارة، والباقون قلة
بقلم: مريم توركان
هُناكَ أرواحٌ كالعُمرِ لا تتكرر مرّتينِ؛ فإنْ صادفتَ إحداهنَّ فتشبّث بها علَّها فُرصة أتتكَ ولن تُعوَّض، تلكَ التي تلمِسُ جمالها، وتلحظُ طهارتها حينَ تُغشيكَ ببعضِ نقائها، هي روحٌ مُميّزةٌ بحُسنِ صِنعتها وما ذاكَ إلَّا بإتقانِ الصانعِ عزَّ وجلّ.
سُبحانَ مَن خلقَ الرّوح وجعلَ أمرها بيده!
كُلّنا رسائل لبعضنا، فما من أحدٍ يُصادفكَ بطريقكَ إلَّا والصدفةُ قدرية، فاللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى يعلمُ ما أنتَ فيهِ _وهو بكُلِّ شيءٍ عليم_ لذا فيُرسل لكَ مَن يُخفف عنكَ أو قُلْ يُواسيكَ، ولأنَّكَ قَوّيُ اليقينِ بهِ سُبحانَهُ فلن يخذلكَ أو يترككَ لهواكَ فتردى.
الدنيا طريق والمارّة كثيرون، لكنَّ الذي يَبقى هو المُميّز؛ ذاكَ الذي جمعكَ بهِ اللَّهُ على غيرِ موعدٍ ودونَ سابقِ معرفة، ثُمَّ إنَّ العجيبَ في الأمرِ أنْ تجد بهِ بعض روحكَ، فتتساءل؛ كيفَ وكيفَ وكيف؟
والإجابة أنَّ الأمرَ كُلّهُ للَّهِ، والأرزاق بيدهِ سُبحانهُ وتعالى، والخَلق خَلقهُ وهو بِهم كفيل.
يا مَن يُحِبُّ رَبّي فيخشى عقابهُ؛ لا تحزن على ما أصابكَ؛ فرُبَّ مُصيبةٍ أخلفت خيرًا كثيرًا بإذن اللَّهِ، واللَّهُ مع الصابرين!
لا تبكِ على اللبنِ المسكوب؛ بل اسعَ جاهدًا لتغيير ما ألَّمَّ بكَ، فالعُمرُ ينقضي والدنيا لا تقفُ عند حدٍّ أو أحد، والخاسرُ هو أنتَ؛ إنْ جعلتَ نفسكَ حبيسةَ الماضي، فقط أَحسِن إلى نفسكَ وتوكّل على اللَّهِ؛ فاللَّهُ يُحِبُّ المُحسنين.