بين الغرابة والتناقض
بقلم: عزت أباظة
بين الغرابة والتناقض
كانت تشكيلة من الغرابة والتناقض، وباقة من الإثم والبراءة، وأحلام اليقظة والرغبة والرهبة…
مجموعة من المصائب وردية اللون، أفضت بى إلى حالة من الحرب المهلكة، التي شوهتني، وفقدت فيها جزءا من عقلي.
أحلم بالمستحيل، وأسبح ضد التيار
أحارب طواحين الهواء باستمرار
حياتى ميدان قتال ساخن، مشتعل
طريقي مليء بالألغام المضادة لبقائى سعيدا، متزنا، هادئا،
وأسير على درب لا أدري نهايته
أنا خفيف السلاح، قليل العتاد، لكن فى حالة استنفار دائم
جندي شرد عن فرقته، وضل الطريق، وتاه فى غابة موحشة.
أفراحى مؤجلة، أحلامى منسية
والحزن ضيف ثقيل
تنال منى آثار الحرب، ويرهقنى استنزاف إحساسي، مثل خيط رفيع من الماء، يسيل دون توقف.
تتسرب روحى رغما عني، ولا أملك القدرة على التصرف.
ليس هناك نصر يلوح فى الأفق
حرب تعيسة هي ككل الحروب، ليس فيها إلا الدخان والدمار والركام والأنقاض
لكنها حرب لا يدرى عنها أحد
يغتالني النسيان، ويقتلني الخذلان، مثل مسن تخلى عنه أبناؤه.
مثل لوحة غير مفهومة، رسمها فنان مجهول
تنظر لتلك اللوحة فلا تدري أتحبها أم تكرهها؟!
يزعجنى تنوع إصاباتى؛ بين كسور وجروح
يصرخ جسدي بالألم، وأنا شديد المهارة فى كتمانه؛
لكن يأتي العذاب من ناحية قلبي
أنا مصاب في قلبي بشظية حادة، تدميه مع كل نبضة ينبضها،
وكلما طالت حياتي زادت معاناتي
يجري الشعر الأبيض فى لحيتي ورأسي؛ فى سباق قمت بإلغاء متابعته، لعدم اكتراثي بالأمر.
يتناقص مخزون الصبر والاحتمال، وتزداد المعاناة ظهورا وتجسدا.
أتخذ لي ساترا يحميني من قذائف لا ترحم، ثم أتوارى فى الظل
أترك سلاحي يسقط مني
لن أموت في الميدان؛ فهي حرب ظالمة، لا فرصة لي فيها أبدا؛ لست ندا لكل هؤلاء الخصوم، وسوف أسقط فى تلك الحرب دون أن تنال ذكراي أي تكريم.
صحيح أن بقائي فى وضع الجهوزية والتأهب يحميني، لكنه يفقدني التركيز، ولا أستطيع معه الاستمتاع بحياتي.
وجب علي الاعتزال
اعتزالي الحرب سيعود بي إلى الهدوء الذي أنشده، ويمكنني تخمين الخطوة المنطقية التالية، لعجوز هرم قعيد فارق الجندية، ينتظر الراحة بفارغ الصبر.
بين الغرابة والتناقض
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا