الرقي المادي والشكوك في الدين
بقلم: محمد شبكة
ما هذا التلازم بين الرقي المادي والشكوك في الدين؟
وما هذه العلاقة الأكيدة بين العلم بالكون والإلحاد؟
لو كان هذا شأن أمة من الأمم، لقلنا أن له سببًا عرضيا استدعته حالة من أحوالها الخاصة، ولكنه يشاهد في جميع الأمم على حد سواء، ومنها الأمة الإسلامية.
وأظهر مثال لنا ما نشاهده بأعيننا من المتمدينين، فإنهم أصبحوا الأقرب لترك العقائد، بحيث لا نستطيع أن نتخيل إمكانية رجوعهم إليها، وقد علقوا رقيهم كله على تركها، وكل حين ترِدنا كتبهم ومجلاتهم مفعمة بالمطاعن الشديدة على البقية الباقية منهم على عقائدهم.
افتراء وتقول:
فهل في هذا دليل على قول بعضهم من الملاحدة “إن الدين باعثه الجهل، ومادته العماية عن حقائق الكون”؟!
وهل فيه حجة للقائلين بأن الأديان الموجودة هي حوادث تاريخية استلزمتها أدوار خاصة، وقد أدت وظيفتها، وأخذت في الانحلال، ولن يقوم لها في عصر العلم قائمة؟
إن كان لا هذا ولا ذاك، فهل في الرقي المادي شيء من السحر يعتري النفوس، فيلفتها عن مطالب أرواحها، ويعميها عن رؤية كمالاتها؟
وإن كان كذلك، فما هو ذلك السحر في نفسه، وما منشؤه، وكيف يؤثر على العقول هذا التأثير المدهش؟
وهل لا يمكن أن يوجد على سطح الأرض مدنية مادية متحدة بكمالات روحية، ويكون الإنسان بينهما مغمورًا في نعيم روحه وجسده، متمتعًا بلذائذ مادته ومعناه؟
إن كان لا يمكن ذلك، فهل شرع الدين ليكون مقصورًا على الفقراء والمساكين، وموقوفًا على المحرومين والمستضعفين؟
وإن كان من الممكن جمع مدنية مادية مع كمالات روحية، فما بال بعض المسلمين الذين قضي عليهم بالاحتكاك في قشور هذه المدنية الأوروبية، قد خلعوا أعنة الدين وأفلتوا من وشيجة العقيدة؟
العماية والطيش:
ليس من العدل أن نصمهم كلهم بالعماية والطيش، فإن منهم المتعلم الذي يفتخر به معلموه، والسمح الذي هام به محبوه، والأريحي الذي يحمده قاصدوه، فما الذي أمال أعناق هؤلاء إلى الهوى، ودفعهم إلى الردى؟
وإذا كان لا مناص من أن يكون الرقي المادي يقابله انعدام الدين، وقد رأينا بوادره في إخواننا الأقربين، فانتظر إذن حينًا من الدهر لا تصادف فيه راكعًا في محراب، ولا داعيًا إلى غير شراب، لأن المدنية الصناعية آخذة في الانتشار، ومتسربة إلى سائر الأمصار، وأنها تعدت من كبار الأفراد إلى من يليهم، وممن يليهم إلى من هو دونهم، حتى دخلت إلى قرى الفلاحين، وكادت تطرق الباب على صغار الحراثين، فإن كان كما قلنا في المدنية شيء مما نسميه سحرًا، فقد قرب الوقت الذي تدعو فيه إلى التدين، فلا يجيبنا غير الصدى، ويذهب كل ما كتبناه في الحث على التخلق به سدى.
مسألة هامة:
أليست هذه مسألة يجب التعمق فيها، لإدراك سرها والوقوف على حقيقة أمرها، لنعرف مكامن الداء وحقيقة الدواء؛ تفاديًا للتعب في غير متعب، وهربًا من الذهاب في غير مذهب؟!
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا