إدراك
بقلم: ميادة منير
رغم النوايا الحسنة!
بين غمضةِ عينٍ وانتباهِها، تتسارعُ الأحداثُ وتتعاقبُ وتنقلبُ ربما رأسًا على عقِب، وتتبدلُ مقاديرُ الكونِ، وتتجلى حِكَمه وسننهِ التي ليس لها تبديلًا ولا تحويلًا منذ خُلِقت الأرضَ ومن عليها.
ويطوفُ طوفان الزمانِ فينتقل فلانٌ إلى رحمة ربه ويغادرُ الآخر لأرض الله الواسعة، وقد يهجر، أو يتراجع، أو يتخلف، أو يتأوه، أو يُستهجن عمله، أو يستقيم من بعد اعوجاجٍ، وربما تأخذ المسكنة بعضهم، وتدور الرحى ليس على بني البشر وإنما بهم؛ فكلّ في مداره يسعى، يُطحنُ ويُدهس ويفتت وتجري الأقدارُ عليه كأنه لم يتحرك قيدَ أنمُلة!
ونحن أردنا، وما أردنا إلا مؤازرة هذا، والأخذ بيدِ الآخر، والشعور بثقل أحدهم ووجعه، وقد يستقر بنا الحال لاستنطاق قلبٍ أو تأمينِ روعٍ، أو تنضير وجهٍ، أو تحسين صورةٍ كي نتفادى تلفَ النفسِ الإنسانية ونحفظ كرامتها.
ونحن ما وددنا إلا ذاك، والقلب متلهفٌ له، مقبلٌ عليه، لكنّا لا نفعل إلا القليل! واقعين في منتصف الطريق، تتداولُ الأيام بيننا ونحن بينها، وترافقنا الهموم ونموت قهرًا لأجل الأقربين، وننقبض وننكسر ثم نتعافى ونهتدى ويستوطننا الحزن لأجلهم، لكننا لا نفعل حيالَهُم شيئًا؛ لا نقترب، ولا نُبادر، ولا نُساند، ولا نُعين إلا ما ندر، فرغم الحركة لم تزل أجسادنا في قارعة الطريق، رغم القلوب الثائرة!
وتدور الرحى ولا نفعل شيئًا، رغم النوايا الحسنة!
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا