أين المهد؟! بقلم: أميرة العربي

أين المهد؟!

أين المهد؟! بقلم: أميرة العربي
أين المهد؟! بقلم: أميرة العربي
أين المهد؟!

بقلم: أميرة العربي

مضمار العدو

خارت قواي، تمزق نياط قلبي حسرة وشوقا وحنينا، نظرت لتلك الدمية الممزقة ذات الشعر المليئ بالدماء الممزوج بالرماد؛ فحالها مِن حال مَن كانت تحملها بين ثنايا حضنها الدافئ، تتراءى أمامي تلك اللحظات، أجلس بين الخراب والدمار، أدمعي تنهمر ونبضاتي تنهار، تتقطع أنفاسي؛ ألهث كأنني كنت بمضمار للعَدْو!.
كانت أولى خطواتها هنا؛ عند هذا السور الصغير. تستند إليه بذراعيها لتقف على كلتا قدميها. تصفق لنفسها فتقع مرة أخرى. يا لها من سقطة قوية تجعلها تضحك لا تبكي!.

ماااااا

تجعل صوتها يعلو بمناغشتي:
– ماااااا
فهي تعني (أمي)، تتلهف ببسمتها، كادت تقبض على الجمر بيديها. أصرخ مهرولة إليها كي لا تؤذي نفسها. تهرب مني. أُبطئ من خطواتي كي تتمكن من الاختباء خلف إصيص الورد.، أبحث عنها رغم رؤيتي لها. تُغمض عينيها ظنا منها أني هكذا لن أراها.، تتعالى ضحكاتنا. تملأ المكان فرحا ومرحا..

لست كما كنت قبل أن يقع علينا الاختيار. نشجب وننوح على من ماتوا بالجوار.، نراهم، نتأثر، يصيبنا بعض الانهيار.

أنا أخاف

لم نكن ندري أنه سيؤول بنا الحال لنصبح مكانهم. تقطع الوتين من كثرة الألم الذي يجتاح أضلعي. لم تكن سوى لحظات. أقسم لكم لم تكن سوى استدارة مني، وخروج ببطء بعد أن هدهدتها في مهدها. واضعة بين أحضانها دميتها المفضلة، تناديني:
– مااا، لتبقي بجواري؛ فأنا أخاف
رددت عليها:
– أيا صغيرتي، فقط سأُطفئ النيران على الطعام.

آخر عهدي

قُبلة على الجبين كانت آخر عهدي بتلك الناصية البيضاء. حيث لم يتبق منها سوى أشلاء تخفي معالمها الدماء!.

فقط استدرت. خرجت من الباب.، قذائف ودوي الانفجارات تساقطت علينا من الطائرات. كانت للسماء قعقعة. لم أجد الغرفة ولا حتى المهد، لم أستمع حتى إلى صوتها تبكي، لا توجد صرخات، يا ليته كابوس أستفيق منه!.
أقف في ثبات لا تتحرك قدماي، تسمرت في المكان، أنبش وسط الدخان والتراب، أزيح عنها الركام. لا أشعر بالدماء التي تسيل من جروح بيدي.
ها هو المهد

المهد

– بنيتي، استيقظي، رجاء لا تذهبي..
ما هذا؟!
أين رأسها؟!
توقفوا عن خداعي؛ ليس هذا وقت الغميضة!.
توقفوااااا
أموت شوقا إلى ضمتها.
تتسرسب الدماء من بين أصابعي، تختلط بالدماء أدمعي.
يا ويلتي! يا حسرتي!.
أرجوك إلهي، ارحم قلبي، أيقظني من كابوس يقتل فيه الفجار ابنتي.
تنظر إلي، أستمع إلى صوتها
– مااااا
= حبيبتي، آاااااااه، ثم آااااااه، ثم آااااه…
أُشيع جثمانها
– وداعا فلذتي، في الجنة نلتقي.

أين المهد؟!

لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف

لمتابعة كل ما هو جديد من هنا

FB IMG 1703191522432

يمونارف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
Scroll to Top