أم ليث وأهل القرية
بقلم: مونيا بنيو منيرة
من سلسلة ظلم سيلا
الحلقة الخامسة
اليوم التالي
في صباح اليوم التالي..
استيقظ ليث باكرا، قصد المدينة دون أن يُعلم سيلا بالأمر؛ كان ينسحب على مهل، لكن سيلا حواسها تختلف عن حواس البشر العاديين بكثير؛ بحكم عشرتها للحيوانات وعيشها بالغابة لسنوات، فقد كانت تلك الحواس هي سلاحها الفتاك منذ زمن بعيد، وسر بقائها على قيد الحياة.
(اصنع المعروف وإن لم يثمر، فجزاء الله لا يقدّر)
خيار آخر
خرج ليث وكانت وجهته بيت والدته على غير العادة، قصد والدته الحنون، لأنه يعلم حجم حبها وتضحياتها، فلن ترفض له طلبا، وستكون معه أينما كان؛ حتى بالقرية، فلم يكن أمامه خيار آخر!
لقد تعلم أن يفعل الخير ولا ينتظر شيئا، كان ينسج ويخطط قصصا تكون أقرب للواقع؛ يتقبلها عقل والدته فيما يخص الفتاة البرية المتوحدة.
الصدمة
قبَّل يدها فور وصوله، لكنها استغربت كثيرا لحضوره الذي ما توقعته بعدما حدث معه؛ لقد ابتعد عن المدينة بعد طلاقه الذي غير نظرته للحياة، بعد عجزه أن يكون زوجا لمن لم يقدر تضحياته، فكانت الصدمة التي حطمت معنوياته وغيرت نظرته لكل من حوله، وجعلته ينعزل عن العالم، وما اتجاهه للقرية إلا هروبا من المجتمع، ونظرة التشفي من بعض الناس، وواقع مؤسف، لكنه على يقين من “إنما الله يبتلي عباده المؤمنين”
مفاجأة مذهلة
كانت فرحة والدته كبيرة للغاية؛ ما جعلها تنسى حتى نفسها، لقد استعدت فور سماع كلامه وتكراره لكلمة مفاجأة مذهلة، واتجهت معه من غير أن تناقشه _على غير العادة_ وكانت دعواتها له لا تنقطع.
أما سيلا، فقد تحممت، ثم غطت في نوم عميق، بعد تفكير في الغابة والحيوانات.
القصر
دخل ليث القرية برفقة والدته، قاصدين القصر الذي وجد أمامه بعض الحيوانات، فكانت كل الأنظار تتجه نحوهما، الأمر الذي أرعب أمه كثيرا، وبدا لها غريبا جدا؛ ما دفعها لتتقصى عن أمر هذه الحيوانات المفترسة الأليفة في نفس الوقت!
وبينما كان ليث منغمسا في بحثه عن بندقيته، استيقظت سيلا لتسمع حديث أمه واستفسارها، وهو يحادثها:
– لا تخافي يا أمي، لأنني لم أخبرك بالأمر..
الحيوانات المختلفة
خرجت سيلا من غير أن يحس بها ليث، واتجهت إلى الخارج حتى التف حولها الحيوانات المختلفة، وكانت والدته مذهولة؛ وهي ترى ذلك المنظر وذاك الحب غير الطبيعي، والدموع تحتبس داخل عينيها، وما لبثت أن تقدمت قليلا حتى أخذ ليث بندقيته، وخرج يركض ليرهبهم بسبب تواجدهم المتكرر.
الصيادين
التفتت سيلا لكلام أم ليث وصوت الرصاص، فاتجهت تركض نحو الغابة والدموع تسبق خطواتها، بكت كثيرا؛ ما استدعى ليث أن يركض وراءها، وسط دهشة الأم مما يحدث، فخرجت للقرية بعد قلقها الكبير، وقررت أن تجمع جميع الصيادين في القرية وكل شجعانها، ليتجهوا وراء ليث نحو الغابة؛ إنه قلب الأم!
لكن أهل القرية تجاهلوها، مما دعاها للاستغراب أكثر،
إرتطام
كان الطقس مشمسا في ذلك النهار رغم برودته، وكان ليث يتبع آثار الأقدام التي خطتها سيلا، وينادي باسمها من غير وعي لما يحدث، وما أن اقترب منها، حتى سمع صوت ارتطام كبير يصدر من ورائه.
أما صيادو القرية وأهلها، فقد توجهوا إلى بيوتهم بعدما سمعوا كلام أم ليث!
ألم دفين
وصل ليث وهو يحمل سيلا بين ذراعيه، لتجدها أمه في حالة يرثى لها، وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن تلون وجهها بالشحوب، والدماء التي تسيل من رأسها نتيجة ارتطامها، وما أن رأت الأم سيلا على ذلك الحال، حتى استعجلت لإسعافها؛ رغم ما كانت تحتبسه من ألم دفين وخوف تملكها على ولدها، والأمر الغريب الذي أضحى يتعب أهالي القرية ويرعبهم، هو انتشار بعض الحيوانات المفترسة والخطيرة في كل أطراف القرية..
أم ليث وأهل القرية
تصميم غلاف أ. مها شاهين
لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف
لمتابعة كل ما هو جديد من هنا
وصل ليث وهو يحمل سيلا بين ذراعيه، لتجدها أمه في حالة يرثى لها، وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن تلون وجهها بالشحوب، والدماء التي تسيل من رأسها نتيجة ارتطامها، وما أن رأت الأم سيلا على ذلك الحال، حتى استعجلت لإسعافها؛ رغم ما كانت تحتبسه من ألم دفين وخوف تملكها على ولدها، والأمر الغريب الذي أضحى يتعب أهالي القرية ويرعبهم، هو انتشار بعض الحيوانات المفترسة والخطيرة في كل أطراف القرية..