أديم بستاني

أديم بستاني

أديم بستاني
أديم بستاني
أديم بستاني
بقلم: عبير مصطفى
ينعتني سكان مدينتنا _هاهنا_ بالمرأة المتغطرسة، وأحيانًا بأنثى الطاووس، بعضهم يصفني بالغموض، وبعضهم الآخر يقسم بأنه رآني أحمل أغراضًا مريبة، تضعني دون شكٍّ في مصاف الساحرات.
حتى أن إحدى الجارات وصمتني بنازعة قلوب الأطفال، عندما ألقت عليَّ تحية المساء، وأعرضتُ مبتعدة عنها في وجل.
تبًّا لها!
يا لها من امرأةٍ كاذبةٍ، سليطة اللسان!
كلهم هاهنا هكذا يكرهونني..
لا أدري لمَ يفعلون ذلك حقًّا؟! فكل ما أبغيه هو حياة هادئة، بعيدة عن تطفلهم الدنيء، ونظراتهم المقيتة.
كنت أظن أن ابتياعي لهذا المنزل الخاص بحديقته المنفردة سيقيني من تدخلات هؤلاء الوحوش الآدمية، ولكن يبدو أن ظني ما كان في محله!
لن أنسى يوم أن اعترض أحدهم طريقي عندما عدت متأخرة في إحدى ليالي الشتاء، فسبَبته في هياج، بينما غاصت أظافري بلحم ساعده، فما كان منه إلا أن أخبر امرأته أني حاولت استدراجه لمنزلي.
بعدها بأيام.. وجدوه مقـ…ــتولًا خارج أسوار المدينة؛ يبدو أن أحد اللصوص قرر أن يخـلص العالم من أمثاله.
تذكرت ذلك الحادث، بينما يثني العم رزق (حارس المنزل) على زهور الأوركيد الخاصة بي، ويخبرني أن نوع السماد الذي استحدثته قد آتى ثماره جيدًا.
– “مهندسة زراعية ماهرة أنتِ، سيدتي”
هكذا قال..
ابتسمت له، بينما أكمل حديثه قائلًا:
– “كلهم يتساءلون عن سر تفرد حديقة منزلك، ويدَّعون أن نوع السماد الذي تستخدمينه لا وجود لمثله على سطح الأرض”
صادقٌ هو هذا العم رزق، صادقٌ لأقصى مدى!
كما أن هؤلاء الأوغاد صادقون كذلك، فأنا أستخدم سمادًا لم يتوفر لدى أحدٍ من قبل.
ماذا تقولون؟
مغرورة أنتِ!
عجبًا.. ألا تصدقونني؟
حسنًا.. سأخبركم سرًّا، ولكن فقط إذا ما عاهدتموني على أن يبقى في طي الكتمان.
فسمادي الخاص يتكون من جينات بشرية حبيبة لقلبي، استخلصته من أجزاء جسد ذلك القاسي الذي عشقته، فاستباح روحي، وذبحـ…ــني بنصل الغدر.
ظن أنه أفلت من العقاب قديمًا؛ بيد أني لم أقنع بتنائيه عني بحجة الملل، ولم يزدني البعد إلا رغبة في التداني، فأنا _كما قال عني العم رزق_ “مهندسة زراعية ماهرة”.
فها قد زرعته نبتًا مستديمًا بأديم بستاني.
أرأيتم؟!
رقيقة القلب أنا؛ إذ استخدمت قلبه لتخصيب زهور الأوركيد التي كان يعشقها، بينما دسست عينيه الحبيبتين أسفل شجرة الصفصاف التي نقش حروف اسمينا فوق جذعها السامق.
بالله، هل رأيتم رهافة حس كمثل ما أمتلك؟
لا أظن..
فليخبرني أحدكم إذًا؛ لم يكرهني الجميع هكذا؟!

لقراءة المزيد من المقالات مجلة ريمونارف

لمتابعة كل ما هو جديد من هنا

1 فكرة عن “أديم بستاني”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
Scroll to Top